لحسن الحظ، أن التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم، أحدث طفرة في كل شيء حتى التعليم. أصبح العالم قرية صغيرة بالمعنى الحرفي، وليس مجازًا فقط! فإذا كنت طالب علم في المراحل الدراسية الأساسية، أو في المرحلة الجامعية، أو أنهيت دراستك وتفكر بالالتحاق بصفوف الدراسات العليا، صار من الممكن إتمام الأمر بنجاح، دون الحاجة إلى الحضور المنتظم في أحد المؤسسات العلمية.
سهل الإنترنت ونظام التعلم عن بعد عملية الدراسة والتعليم لمختلف المراحل الدراسية والعمرية. بل ساعد العديدين على تحقيق أحلامهم، في تغيير مجال عملهم، أو استكمال دراستهم بعد انقطاع. وكان التعلم عن بعد هو الأكثر ملائمة، والاختيار الأفضل في بعض الحالات -الآباء على سبيل المثال- وبهذا، خرجت المجتمعات من المفهوم التقليدي للتعليم، وقطعت المؤسسات العلمية شوطا كبير في سبيل تطوير العملية التعليمية.
ما المقصود بالتعلم عن بعد؟
يختلف التعلم عن بعد بدرجة كبيرة عن الصورة التقليدية للتعليم. فهو بشكل رئيسي يعتمد على التباعد الجغرافي بين الطلاب والمحاضر. لم يعد ضروريا التواجد داخل قاعات الدراسة، والاستماع إلى المحاضرات بشكل مباشر. بل أصبح ممكنا إنهاء المادة العلمية، وإكمال الدراسة من خلال المنصات التعليمية الإلكترونية، دون الحاجة إلى الانتقال إلى مكان آخر.
مميزات التعلم عن بعد:
لا يقتصر الأمر على الدراسة من المنزل، فللتعلم عن بعد مميزات عديدة، ساهمت في تغيير نظرة العالم إلى الطرق التعليمية المعتادة، وما زالت تثبت كل لحظة أن العلم لا حد له، وأنه لا يخص طائفة من البشر دونًا عن غيرها، بل العلم حق للجميع. ومن مميزات التعلم عن بعد:
المرونة:
إذا تحدثنا عن التعليم الإلكتروني، فالمرونة هي أول المزايا التي تقفز إلى الذهن. منذ عام 2016، يلتحق الملايين من الطلاب حول العالم بالمنصات التعليمية الإلكترونية، لإكمال دراستهم. ربما كان الأمر حينها أكثر شيوعًا بين أصحاب الدوام الجزئي في العمل إلى جانب الدراسة، فكان التعلم عن بعد هو الأكثر ملائمة.
ولكن، بداية من عام 2020، أدت جائحة الكورونا إلى عموم نظام التعلم عن بعد في أغلب دول العالم، حرصا على سلامة الطلاب وتقليل انتشار العدوى. طوال هذا الوقت، أثبت التعلم عن بعد مرونته العالية، وقدرته السريعة على استيعاب جميع الظروف. فأصبح من الممكن للطلاب اختيار ساعات الدراسة وفقا لما يناسبهم، وإكمال المادة العلمية بأفضل شكل ممكن.
سهولة الوصول:
قلنا سابقًا أن الإنترنت حول العالم إلى قرية صغيرة، وهذا ينطبق على التعلم أيضًا. كل ما تحتاجه هو جهاز كمبيوتر والاتصال بالإنترنت. بعد ذلك، يمكنك دراسة المحتوى العلمي الذي تريده وأنت جالس في المنزل. لم يعد التباعد الجغرافي يشكل أي عائق لأي أحد.
التعلم عن بعد وفرص أفضل للحصول على العمل:
في الأعوام الأخيرة، تغير العالم بسرعة أكبر مما نتصور. جرب القيام ببحث سريع عن أكثر الوظائف طلبا خلال العام الحالي، ستجد بعض الوظائف مثل تحليل البيانات، تعلم الآلة، التسويق الإلكتروني، والذكاء الاصطناعي في المرتبة الأولى.
بالتدريج، تقل مكانة الدراسات الأكاديمية، والمجالات الشائعة مثل الطب، الفيزياء، العلوم وغيرها. وإذا كنت تتساءل عن أسرع وأنسب الطرق لتعلم هذه المجالات الحديثة، لن تجد أفضل من التعلم عن بعد.
توفر المنصات التعليمية الإلكترونية العديد من المساقات الدراسية المهتمة بالتأسيس لهذه الوظائف، وتوجد مناهج خاصة ومناسبة لجميع المستويات (المبتدئ- المتوسط- المحترف). أما عن سبب تفضيل التعلم عن بعد، فلأن المادة العلمية متاحة بنفس القدر، في فترة أقل من الزمن. وبالتأكيد، تحتاج إلى مجهود وتكلفة مادية أقل بكثير.
تنمية المهارات:
في مجال العمل، لا تتم الترقيات أو احتساب الخبرة بالسنوات العملية فقط، بل يلعب المستوى التعليمي دورًا مهما أيضا. تعرف الشركات ذلك حق المعرفة، فالشهادات التي تجمعها في نهاية المساقات التعليمية، تساعد في بناء سيرة ذاتية قوية، وتجعلك محط الأنظار وتجلب لك فرص عمل مميزة.
أما على المستوى الشخصي، ينمي التعلم عن بعد مهارات تنظيم الوقت، تقسيم المهمات، التركيز، التخطيط، والمهارات التقنية. خلال المساق التعليمي، أنت ملتزم بعدد محدد من الساعات، وأنت وحدك المسؤول عن الدراسة في الوقت الذي تريده، والانتهاء من المادة العلمية قبل ميعاد الاختبار.
أما عن المهارات التقنية، فلإنجاز المهمات قد تتعلم استخدام برامج الكمبيوتر، وإنشاء التصميمات المختلفة. وبذلك، أنت تجني فوائد قريبة على المستوى الشخصي، وبعيدة تؤهلك لسوق العمل.
أقل في التكلفة المادية:
لنجري مقارنة بسيطة بين التعلم عن بعد والتعلم التقليدي. في التعلم عن بعد: تكمل الدراسة من منزلك، فقط تحتاج إلى الانترنت وجهاز الكمبيوتر. تتيح العديد من المؤسسات العلمية تسهيلات في السداد، وهناك إجراءات طلب تخفيض التكلفة المادية بناء على الراتب الخاص بك.
في التعليم التقليدي: غالبا تكلف الدراسة الأكاديمية قدر أكبر من المال. تتيح بعض المؤسسات العلمية تسهيلات في السداد، وهناك جهات معنية بإقراض الطلاب. وإذا تجاهلنا كل هذا، فهناك تكلفة المواصلات، الوجبات الخفيفة أثناء اليوم، التجهيز للدراسة اليومية وغيرها. لا يحتاج التعلم عن بعد إلى كل هذه الأمور، فمن الناحية المادية، يبدو خيارا مثاليا للكثير من الطلاب.
تستمر المحاولات يوما بعد يوم لتطوير عملية التعلم عن بعد، لجعلها أكثر مرونة، ومتاحة لجميع الناس. أما عن الفوائد فهي أكثر مما ذكرنا، فلم يعد هناك أي عائق للتعلم.