حين يلتقي التعليم والتسويق والسرد، تنتعش المنظومة أكملها
يحكم الشكل الحديث للمنظومة التعليمية بأحكامه، وفي قول آخر، نذكر أن السبيل الأمثل للحصول على القيمة التعليمية الأفضل من النمط الحديث للتعليم من خلال المنصات التعليمية الإلكترونية، يجب أن تتحرك العناصر البشرية التي تتشارك في أُسس العملية التعليمية تجاه أساليبٍ حديثة وجديدة من التواصل.
يتحرك العالم أجمع نحو نمط تعليمي تفاعلي من خلال استخدام الأدوات الإلكترونية والمنصات التعليمية على شبكة الإنترنت وبتلك الطريقة، أصبحت المنظومة التعليمية مُرتكزة بشكل كبير على نمط استخدام المعلمين والطلبة لهذه الأدوات الذكية ومدى فاعلية تسخيرها لهم من أجل إيصال القيمة العلمية المُثلى.
بالطبع، يجب أن نذكر أن جائحة كورونا وانتشارها بهذا الشكل الجنوني حول العالم قد شاركت في انتشار المنصات التعليمية ونمط التعليم عن بعد في مُختلف البلاد إلا أن معظم المستثمرين والهيئات التعليمية المعنية بتنظيم المنظومة قد أخذت خطوات ثابتة قبل الجائحة نحو اعتناق نمط التعليم الإلكتروني وبدأت في إنشاء الشراكات مع المنصات التعليمية الإلكترونية قبل الجائحة أيضًا، مما يشير إلى أن الخبراء كانوا يعلمون بشكل جليّ أن التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد هي سِمات يجب أن تتأقلم المنظومة التعليمية عليها من أجل فوائدها الكثيرة وقابليتها للتحسين والتطور بنمط فائق السرعة مُقارنة بالتعليم الكلاسيكي علاوة على كون هذه السِمات الجديدة تُلبي كل احتياجات الطُلاب والمعلمين في العصر الحديث بالشكل المناسب.
ومع الطبيعة الديناميكية للشكل الحديث للتعليم من خلال المنصات التعليمية الإلكترونية، يحتاج المعلمون إلى أساليب أكثر تناغمًا مع تلك الطبيعة من أجل إيصال المعلومات من وراء الشاشات ومن خلال المنصات والأدوات الذكية.
تُعد أساليب السرد من الطرق المناسبة من أجل تحسين جودة العملية التعليمية لأنها ترتكز في الأساس على حجر الزاوية في المنظومة التعليمية بكل أشكالها وذلك الحجر الذي يُبنى عليه المنظومة هو التواصل.
يعتقد البعض أن أساليب السرد ترتكز جوهريًا على القِصص والحكايات لكن بطبيعة الحال، ذلك المفهوم ما هو إلا نظرة مغلوطة عن قيمة السرد في التعليم وتناول المواد العلمية. إن نظرنا إلى علم التسويق والتسويق من خلال المحتوى، نجد أن جمع المسوقين يستخدم بشكل كبير أساليب السرد في العملية التسويقي وكتابة الإعلانات والشعارات والعبارات التسويقية. يعتمد أسلوب السرد على تناول المعطيات المختلفة وكأنها قصة لها أبطال ومراحل مختلفة وحبكة وحل وتعقيدات تمامًا مثل القِصص لكن المنتج النهائي يُشبه القصة بناءً وليس جوهرًا ونوعًا. فبعض العبارات التسويقية، تتناول القيمة التسويقية كونها البطل في القصة وتبتدأ في توزيع الوزن الدلالي على مُختلف مكونات الجملة الأخرى، وما الذي يمنع اعتناق مثل هذا النهج في المحاضرات والدروس الإلكترونية؟ شئنا أم أبينا، يجب أن نعترف بالتشابهات الكثيرة بين التعليم والتسويق فالاثنان يعتمدان بشكل كبيرٍ على الإقناع والتواصل والسرد. إن لم يقتنع الطالب بالقيمة العلمية التي يتناولها المُعلم معه لن يستقبلها بالشكل المناسب وإن لم يقتنع القارئ بالعبارة التسويقية لن يتجه إلى تصرفٍ إيجابي نحو المُنتج أو الخدمة المعروضة له. علاوة على ذلك، نجد أن أساليب السرد قد نجحت بشكلٍ كبيرٍ في عالم التسويق الإلكتروني وبالتالي، يُمكن أن نتوقع نجاحها في التعليم عن بعد من خلال المنصات التعليمية الإلكترونية والأدوات الذكية الأخرى.
تعلمنا أساليب السرد أيضًا أن نُقسم المعلومات ونوزعها بالشكل الذي يتناسب مع خلفيات المستمعين ونقاط انتباههم من أجل تحسين جودة استقبالهم لتلك المعلومات وتذكرها وبناء بعض القرارات عليها أيضًا، وهذا في جوهره هو المغزى الرئيسي للعملية التعليمية في أي عمر من أعمار الطلاب وفي أي مادة من المواد العلمية أيضًا.
من أجل التعرف على أساليب السرد بالطريقة الاحترافية المناسبة، يجب على المعلم أن يعلم أن دوره المحوري يشبه كثيرًا دور المُسَوِق الذي يعمل على الإقناع والبيع أيضًا. إن لم يستطع المعلم أن يبيع القيمة التعليمية إلى عقول الطلاب لن يتعاملوا معها بالشكل المرجو. أما عن المنصات التعليمية الإلكتروني فهي ترتكز على عملية التواصل السلس مما يُعد خطوة جيدة نحو استخدام أساليب السرد المختلفة من أجل الوصول إلى أعلى جودة تعليمية في عصر المنصات التعليمية الإلكترونية والتعليم عن بعد.