أصبح التعلم عن بعد واقع لا مفر منه، ويجب علينا التعايش معه. على الرغم من انتشار فكرته منذ فترة بعيدة في أمريكا وأوروبا، إلا أنه ما يزال أسلوبًا حديثًا على العملية التعليمية التقليدية، وتجد بعض الدول صعوبات في تطبيقه، خصوصا الدول النامية. حيث يتطلب الأمر مراحل تأهيلية متصلة للطلاب والمعلمين، والمؤسسات العلمية. ويتطلب مجهودًا كبيرًا في توفير أجهزة إلكترونية متصلة بالإنترنت، مع محاولة تطوير المادة العلمية لتكون مناسبة لهذا التغيير.
أحدث التعليم الإلكتروني طفرة في المجال العلمي، وسهل لجميع الأفراد دراسة أي مجال يهتمون به، أو إكمال شهاداتهم العلمية من أعرق المؤسسات العلمية حول العالم. فوجد الطلاب في التعلم عن بعد مرونة أكثر، فأصبح بإمكانهم الدراسة في الوقت الذي يريدونه، والتوسع في البحث عن المعلومات، واستخدام مصادر علمية متعددة. إلا أنه في المقابل، يشكل التعليم الإلكتروني تحديًا للطلاب. فالقدرة على النجاح تعتمد أولا وأخيرا على الاستمرارية. من هنا، كان العائق: كيف سأستمر؟
يتطلب الأمر أن يكون الطالب قوي الإرادة، ومصمما على تحقيق أهدافه. هذا هو العامل الأكبر لنجاح الطلاب في إنهاء المادة العلمية من خلال التعلم عن بعد. أما في التعليم التقليدي، كان الأمر أسهل، حيث يجد الطالب نفسه في بيئة تشجع على الدراسة (الفصول العلمية)، ويتلقى الطلاب الدروس بشكل جماعي ينمي روح المنافسة، ويدفعهم إلى تحقيق أهدافهم.
لكن، مع كل هذا، لا ينكر أحد الدور الذي يلعبه التعليم الإلكتروني في تغيير العملية التعليمية، وتنمية مهارات الطلاب. فيما يلي خمس نصائح لطلاب التعلم عن بعد، ستساعدهم على إتمام دروسهم بسهولة.
المتابعة أول بأول:
اتساع التعليم الإلكتروني لمساحة أكبر من المرونة، لا يعني على الإطلاق أن تقلل الإلتزام. إذا كنت تريد إتمام سنتك الدراسية بنجاح، تابع باستمرار المنصة التعليمية الخاصة بالمؤسسة التابع لها. فعل تنبيه بالإشعارات، حتى تكون على دراية بالمستجدات. أو فعل خدمة البريد الإلكتروني لأنها لا تشتت الانتباه بنفس الدرجة. تدفعك المتابعة إلى الاستمرار في الدراسة، وعدم مراكمة المحاضرات. حيث يتحول التعليم عن بعد إلى صورة مشابهة للتعليم التقليدي، وتعيش أجواء الدراسة.
ابحث عن مكانك الخاص:
الأمر يتعلق بتهيئة عقلك للدراسة. نعرف جيدًا أن المنزل لا يشبه الفصول العلمية، ولا النادي، أو أي مكان آخر تكمل دروسك فيه. خلق البيئة المناسبة للدراسة هو المفتاح السحري لنجاحك في التعلم عن بعد!
خصص مكان في غرفتك للمذاكرة، واحرص على وجود الأدوات التي تحتاج إليها مثل الأقلام، الدفاتر، الألوان، وجهاز اللابتوب. حاول بقدر الإمكان اختيار مقعد مريح، وتوفير إضاءة جيدة. عندما يبدأ وقت المذاكرة، اترك جهازك المحمول في مكان بعيد عنك، وتأكد أن جميع الأدوات التي تحتاج إليها موجودة حولك، حتى لا تصاب بالتشتت.
ابدع طقوسك:
ينصح المعلمون، والمختصون بالجانب النفسي والعقلي للعملية التعليمية بابداع طقوس تساعد الطالب على المذاكرة. يختلف الأمر من شخص لآخر، فالأمر يعتمد بنسبة كبيرة على طبيعة الشخصية والذاكرة، والمكان المحيط.
مثال على ذلك، تحديد ميعاد ثابت للمذاكرة يوميًا، هذه وسيلة جيدة لتهيئة العقل للدراسة، واستيعاب العلوم. ولإعطاء الأمر جدية أكثر، ينصح الأخصائيون بارتداء ملابس خاصة بالمدرسة أو المؤسسة العلمية التابع لها. كما توجد خدعة أخرى، مثل استخدام عطرك المفضل وقت المذاكرة، أو معطرات الجو. على مستوى العقل، يحدث ترابط بين المادة العلمية، والرائحة، واللحظة التي جمعت كلا الحدثين. كل هذا يساعد على التذكر، ويسهل استرجاع المعلومات.
الروتين ليس سيئًا كما تظن!
هل سمعت مسبقًا عن قوة العادات؟ يردد علماء النفس هذه النصيحة باستمرار، إذا كنت تريد إتقان شيء ما، اجعله جزءً من روتينك اليومي. ينطبق الأمر على الدراسة، وعلى كل شيء في حياتك أيضًا.
عود نفسك على المذاكرة كل يوم، لا داع إلى البداية المتحمسة حتى لا تصاب بالخمول سريعا. ابدأ بساعة واحدة يوميًا، وبمرور الوقت، ستلاحظ أنك تعودت على المذاكرة، وتشعر بقوة تركيزك، وحينها يمكنك زيادة المدة كما تريد.
اصنع جداول مبسطة، ملائمة للأنشطة التي تفعلها يوميًا جانب الدراسة. قسم المواد، امنح كل مادة قدرًا محددا من الوقت، لا تهتم بالكم! يكفي الالتزام بالوقت المحدد، بتركيز كامل. يساعدك التخطيط اليومي على إنجاز مهماتك بنجاح، وإتمام المواد في فترة مناسبة، كما يعطيك فرصة للمراجعة والاستعداد للاختبارات.
المذاكرة الجماعية:
أكثر ما يميز التعليم التقليدي، هو الروح الجماعية ووجود المنافسة بين الطلاب. يوفر التعليم الإلكتروني هذه الخاصية، عليك أن تعرف كيف تستغلها.
توفر المساقات العلمية، والمنصات التعليمية مجموعات خاصة بكل مادة، يلتحق بها الطلاب المنضمون للدرس، والمعلمون أيضا. حيث تمثل تلك المجموعات مساحة واسعة للمناقشة وتبادل الأفكار، والتأكد من التطبيق العملي للمعلومات النظرية.
سيساعدك الالتحاق بمجموعات المناقشة أكثر مما تتصور. فالأهم من التعلم، تطبيق ما تعلمته. وقد لا تجد فرصة مماثلة لطرح الأسئلة، أو تنفيذ أحد التطبيقات تحت إشراف المعلمين. ووجود الطلاب الآخرين يساعدك على النظر للموضوع بأكثر من طريقة، ويلفت انتباهك للنقاط التي تسقط منك، وينمي المنافسة بينكم.
قد يكون التعليم الإلكتروني هو وسيلتك للحصول على وظيفة جيدة، والخروج عن الإطار التقليدي للعملية التعليمية، حيث سهل الإنترنت الوصول للمعلومات بأي شكل ممكن. لذا، احرص على استغلال هذه الفرصة!